كتبت بسنت السيد خاص
يتساءل الكثيرون من محبي التداول على العملات الرقمية بمختلف أنواعها عن رأى أهل العلم من الفقهاء في حكم التعامل والتداول بالعملات الرقمية المشفرة والتى تنتشر على نطاق واسع في العديد من الدول العربية ودول الخليج .
وفي حديث خاص وحصرى لموقع نافذة الشرق يحدثنا فضيلة الشيخ الدكتور عطية لاشين عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف وأستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر عن ماهية العملات المشفرة وهل يجوز التعامل بها ؟
قرار المجمع الفقهي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي
حيث يقول :”إن الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعد، فقد جاء في قرار المجمع الفقهي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي : “أن البتكوين ، والإثير يوم، والريبل وغيرها من العملات الرقمية المشفرة هي عبارة عن عملات ليس لها كيان مادي ملموس، أو وجود فيزيائي، ويتم تداولها بين أطراف التعامل بدون وسيط ويطلق على هذا التعامل نظام الند للند .
عملة افتراضية لامركزية
ويتابع الدكتور عطية ،ومن أبرز سمات البتكوين هو اللامركزية، وتعني عدم وجود جهة حكومية أو خاصة تشرف على إصدارها .مشيراً إلى أنه يتم التعامل بالعملات الرقمية المشفرة من خلال المنصات الإلكترونية المتاحة على الإنترنت بشكل مباشر أو من خلال سماسرة.
وأضاف ،وهناك رسوم تدفع لتلك المنصات، ويجب أن يكون لكل متعامل محفظة إلكترونية خاصة على جهاز الحاسوب الخاص به توثق ملكيته للعملات الرقمية المشفرة التي يملكها وإمكانية التصرف فيها.
وأوضح أستاذ الفقه المقارن ،أن من أبرز ما يميز التعامل من المنصات والمحافظ الإلكترونية هو إمكانية التعامل بها بأسماء مستعارة وهو ما يطلق عليه الغفلية (anonymity ) .
مخاطر التعامل بالعملات المشفرة
وأفاد عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف أن العديد من الدراسات تشير إلى مخاطر تكتنف التعامل بالعملات الرقمية المسماه (المشفرة) بصفة عامة ومن أبرزها التقلبات السعرية .
وأشار الدكتور عطية إلى أن الكثيري يلجأون للتعامل بالبتكوين بشكل بارز لكونها لا مركزية ؛ بحيث يمكن أن يتحكم فيها الأشخاص أنفسُهم، وتُحقِّقُ لهم قدراً كبيراً من الخصوصية والسّرية، ولا يمكن تعقُّبُها ولا تتبعها ؛ وذلك لأنها لا تَعتمد على المؤسسات الرسمية والجهات المالية الوسيطة كالمصارف .
مضيفا ولكونها لا تخضع لسلطة رقابية فإنّها كثيراً مما تتعرّض لارتفاعات مهولة أو انخفاضات حادة كما أنّه بسبب جهالة من يقف وراء ترويج هذه العملة الوهمية يجعلها عرضة لأن تتلف وتفقد قيمتها لدى أي تغيرات طارئة ، لذا لأجل ما سبق لم تعتمد أي دولة من دول العالم الاعتراف البتكوين كعملة قانونية .
ولكن ما حكم عملة البتكوين في الشّريعة الإسلامية وسائر العملات الرقمية المشفرة؟
يقول الدكتور عطية لاشين عضو لجنة الفتوى في حديثه للموقع أنه يشترط لاعتبار أي شيء عملة أن تكون صادرة من جهة الدولة، ذلك أنّ الدولة وحدها هي التي يحق لها إصدار النقود وذلك ليطمئن الناس – عند التعامل بها – على ضمان حقوقهم، والوفاء بالتزاماتهم .
العملات المشفرة لاتخضع لسلطة الدولة الرقابية
وتابع ، جاء في الأحكام السّلطانية لأبي يعلى الفرّاء ، عن الإمام أحمد أنه قال: “لا يصلح ضرب الدراهم إلا في دار الضرب، بإذن السلطان؛ لأن الناس إن رُخص لهم ركبوا العظائم” .وأضاف وبناء على ما سبق : طالما أنّ عملة البتكوين ليس لها وجود مادي ولا ارتباط بالمؤسسات المالية الرسمية، ولا الجهات المالية الوسيطة ،من مصارف ونحوها ولا تخضع لسلطة رقابية فإنّ هذه العملة لا تتوفر فيها الشروط المعتبرة في العملات الحقيقية ولا تتحقق فيها الثمنية ولا تصلح أن تُعتمد مقياساً للأثمان التي تُقيَّم السلع بها .
التعامل بالعملات المشفرة غير جائز شرعاً
وشدد الدكتور عطية لاشين في حديثه لنافذة الشرق على أنه لايجوز التعامل بهذه العملة لكونها ليست عملة معتبرة شرعاً ولما تتضمن من الغرر والجهالة الذّي يؤدي إلى ضياع حقوق كثير من الناس، وأكل أموالهم بالباطل فالجهالة تحيط بالبتكوين من كل الجهات.
فهي تعتمد على مبادئ التشفير في جميع جوانبها، ولا يتضمن قانون التعامل بها أية معلومات عن الشخص أو بياناته؛ فالجهالة ترافقها بدءاً من اكتسابها واستعمالها . وكذلك لا يجوز التّعامل بباقي العملات الرقمية المشفرة لأنّه ليس لها كيان مادي ملموس، أو وجود فيزيائي .
وتابع ، وقد جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: “نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم « … عن بيع الغرر»
الغموض والجهالة عن المتحكم في العملات المشفرة
ولفت الدكتور عطية إلى أن الأمة اتفقت على أنه لا يجوز إلّا بيع معلوم من معلوم بمعلوم .مؤكداً بقوله، أنه حتى هذه اللحظة ما زالت الجهالة تكتنف ماهية هذه العملات المسماة (المشفرة) هل هي سلعة أم منفعة أم هي أصل مالي استثماري أم أصل رقمي؟هل العملة المشفرة متقومة ومتمولة شرعًا.
واختتم الدكتور عطية لاشين عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف وأستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر حديثه لموقع نافذة الشرق مؤكداً أنه نظرًا لما يترتب على التعامل بهذه العملات من مخاطر عظيمة وعدم استقرار التعامل بها؛ فإنّ معظم العلماء المعاصرين قد قال بحرمتها وبعضهم توقف وقال لا بدّ من مزيد من البحث ولا نعلم أحداً قال بجوازها وبناءً عليه : يجب شرعاً الإبتعاد عن التّعامل بها .