ما تفاصيل تطبيق نظام البكالوريا بجانب الثانوية العامة؟.. خبيرة تربوية توضح لـ”نافذة الشرق”

كتب: عبدالله عمارة
أصبح تطبيق مسار البكالوريا رسميًا بعد التصديق على تعديلات قانون التعليم، حيث تقرر تطبيقه بجانب الثانوية العامة.
وأثار القانون الجديد، رقم 169 لسنة 2025 الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 13 أغسطس 2025، حالة واسعة من الجدل بين أولياء الأمور والطلاب، بعدما أضاف فصلين جديدين إلى الباب الثالث من قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981؛ الأول تحت مسمى التعليم بنظام البكالوريا، والثاني التعليم الثانوي المهني.
وجاءت هذه الخطوة في إطار توجه الدولة نحو تطوير المنظومة التعليمية وفتح مسارات أكثر مرونة وتنوعًا أمام الطلاب.
وفي هذا السياق، تحدثت الدكتورة بثينة عبد الرؤوف، الخبيرة التربوية، لـ”نافذة الشرق” حول أبرز ملاحظاتها على النظام الجديد.
جدل حول مسمى “البكالوريا”
تساءلت الخبيرة التربوية عن سر الاعتماد على مصطلح أجنبي لشهادة محلية، موضحة: “حتى الآن لا نفهم لماذا اختار الوزير مسمى البكالوريا. هل الهدف أن تبدو عالمية مثل البكالوريا الدولية؟ أم لمجرد العودة إلى الاسم القديم قبل ثورة يوليو؟”.
وأضافت: “في النهاية، هي كلمة أجنبية لشهادة مصرية، ولا يوجد أي اعتراف دولي بها لمجرد الاسم، لأن العالمية تقوم على معايير ومقاييس معتمدة، وليست مرتبطة بالمصطلحات”.
الفارق بين الثانوية العامة والبكالوريا
وأوضحت عبد الرؤوف أن الفارق الجوهري بين الثانوية العامة والبكالوريا يكمن في الفلسفة التعليمية ونمط التقييم، قائلة:
“الثانوية العامة هي الشكل التقليدي؛ الطالب يدرس مجموعة مواد أساسية ثم يتخصص في القسم الأدبي أو العلمي بدءًا من الصف الثاني الثانوي، وتحدد درجاته الكلية التي يلتحق بها”.
أما نظام البكالوريا، بحسب قولها، “فيعتمد على ما يسمى بالمسارات، فالطالب يختار منذ الصف الثاني الثانوي بين أربعة مسارات: طبي، هندسي، أعمال وتكنولوجيا، أو أدبي، لكن المشكلة أن التركيز يكون على مواد التخصص فقط، بينما تبقى معارف الطالب الأخرى سطحية”.
وحذرت من خطورة هذا التوجه قائلة: “إذا لم يحصل الطالب على الكلية التي حدد مسارها مسبقًا، سيواجه أزمة، فمثلاً من اختار المسار الطبي ولم يحصل على مجموع كلية الطب، هل سيلتحق بكليات أخرى مثل العلوم أو التجارة أو الآداب؟ وهل الجامعات مستعدة أصلًا لاستيعاب هؤلاء الطلاب؟”.
إشكاليات التطبيق على أرض الواقع
وأثار تطبيق نظام البكالوريا بجانب الثانوية العامة تساؤلات حول قدرة المدارس على استيعاب نظامين مختلفين في وقت واحد، حيث أوضحت الخبيرة التربوية: “فوجئتُ أن بعض المدارس الثانوية تُخصص بالكامل للبكالوريا، بحيث إذا أراد ولي الأمر إلحاق ابنه بالثانوية العامة التقليدية عليه التوجه لمدرسة أخرى، أي أن الأمر ليس اختيارياً كما يُقال، بل الإدارات التعليمية تحدد مدارس للبكالوريا وأخرى للثانوية العامة، وهذا خطأ كبير سيسبب بلبلة ومشاكل في المجتمع”.
أزمة المعلمين والمواد المستحدثة
وأشارت عبد الرؤوف إلى أزمة الموارد البشرية قائلة: “نحن أصلًا نعاني من عجز في المعلمين للمواد الأساسية، فكيف سيكون الوضع مع المسارات المستحدثة؟ من سيدرس البرمجة أو المحاسبة أو إدارة الأعمال؟ هل هناك كليات تُخرج معلمين لهذه التخصصات؟ أم سيتم الاستعانة بخريجي التجارة ومنحهم دبلوم تربوي؟ تنفيذ ذلك في وقت قصير يبدو مستحيلاً”.
البكالوريا والطبقية التعليمية
وترى الخبيرة أن النظام الجديد قد يعمّق الفجوة الاجتماعية: “البكالوريا تعتمد على فكرة إعادة الامتحان أكثر من مرة لتحقيق أعلى درجة، وهذا يتطلب دروسًا خصوصية وقدرة مادية كبيرة. من يستطيع الدفع سيستفيد، بينما غير القادرين سيلجأون للثانوية العامة. النتيجة: لا تكافؤ فرص، بل مزيد من الطبقية في التعليم”.
وتضيف: “قد يُجبر أولياء الأمور أبناءهم على دخول مسارات لا تناسب قدراتهم، مثل الطب أو الهندسة، مع الاستمرار في إعادة الامتحانات حتى يحققوا الدرجة المطلوبة، وهو عبء مادي ونفسي هائل”.
جدل حول المناهج والمسارات
وأثارت الدكتورة عدة تساؤلات لم تجد لها إجابة حتى الآن:

  • “ماذا لو اختار طالب المسار الطبي دراسة الرياضيات، فهل سيتخرج من دون دراسة الفيزياء؟”
  • “ما هي مواد الفنون في مسار الفنون والآداب؟”
  • “وما الفارق بين مسار الأعمال في البكالوريا وتخصص المحاسبة وإدارة الأعمال بالمدارس الفنية المناظرة؟”
    وأكدت أنها لم تجد وضوحًا في هذه التفاصيل، مما يعكس غياب الرؤية الكاملة.
    تكافؤ الفرص والدروس الخصوصية
    وتؤكد عبد الرؤوف أن تعدد فرص الامتحان بمقابل مادي يخل بمبدأ تكافؤ الفرص: “حتى لو كان 200 جنيه للمادة، فهذا يعني 1200 جنيه لفرصة إضافية واحدة، وهو ما لا تتحمله كثير من الأسر”.
    كما نفت أن يكون النظام قادرًا على الحد من الدروس الخصوصية: “البكالوريا ستزيد الدروس الخصوصية، لأنها تمتد لعامين مع امتحانات متكررة. المدارس ليست مهيأة لتوفير البنية التحتية أو المعلمين، وبالتالي سيستمر الطلاب في الاعتماد على الدروس الخارجية، وربما بشكل أكبر”.
    أعباء الوزارة وعدم ضمان الاستمرارية
    وحول قدرة الوزارة على إدارة 4 امتحانات ثانوية عامة في العام الواحد، علّقت بقولها: “الإمكانات البشرية لا تسمح، والمادية أيضًا غير متوفرة. كل شيء سيكون بمقابل مادي يدفعه أولياء الأمور”.
    أما عن استمرارية النظام، فأبدت شكوكها: “لا نضمن استمرار البكالوريا بعد رحيل الوزير الحالي. لدينا تجربة التابلت التي كلفت مليارات ولم تُطبق فعليًا، وتحولت لمشروع فاشل. الوضع يتكرر الآن؛ على الورق النظام يبدو رائعًا ومرنًا، لكن على أرض الواقع لا إمكانيات حقيقية”.