محمد صلاح بين الإنسانية والسياسة: تغريدة تكسر الصمت وتختبر حظوظه في الكرة الذهبية

حوار: حسن الشحات حسن

منذ نشأتها، كانت كرة القدم وستظل وسيلة متعددة الأبعاد؛ فهي أداة للتعبير، ووسيلة للترفيه، وشكل من أشكال القوة الناعمة التي تؤثر في المجتمعات ومن أوجه هذا التعبير، المواقف السياسية التي لطالما وجدت طريقها إلى الملاعب، حيث شهد تاريخ اللعبة العديد من الأحداث التي ارتبطت بقضايا كبرى ، وآخر هذه المواقف ما قام به النجم المصري الدولي محمد صلاح، حين عبر عن تساؤله بشأن وفاة لاعب المنتخب الفلسطيني السابق سليمان العبيد، المعروف بلقب “بيليه فلسطين”، وهو ما أثار موجة واسعة من الجدل في الأوساط الرياضية والسياسية على حد سواءحول هذا الموقف، كان لنا هذا الحوار مع المحلل الرياضي عمر جمعة
كيف ترى تغريدة محمد صلاح الأخيرة؟
تغريدة محمد صلاح كان لها صدى عالمي واسع، تجاوز الإطار الرياضي البحت. أهميتها جاءت في توقيت حساس، خاصة بعد تعرض اللاعب لانتقادات في الفترة الماضية بزعم غياب موقفه من القضية الفلسطينية عقب أحداث أكتوبر الماضي
ورد صلاح جاء في لحظة فارقة، بعد وفاة سليمان العبيد الذي كان ضحية للحصار والعدوان ضمن المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة. فقد توفي “بيليه فلسطين” أثناء انتظاره الحصول على المساعدات الإنسانية بعد حصار الجيش الإسرائيلي ورغم إعلان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) عن وفاته، إلا أنه تجنب ذكر السبب، ما يكشف حجم التعتيم على الجرائم الإنسانية في فلسطين، ويعيد لفت أنظار الملايين في أوروبا والعالم إلى حقيقة ما يجري.

هل قد يؤثر موقف صلاح على فرصه في الفوز بالكرة الذهبية؟

من الصعب وجود مانع رسمي واضح يحول دون فوزه، لكن تجارب الماضي تشير إلى أن السياسة داخل اليويفا والجهات المانحة للجوائز العالمية تميل إلى إبعاد اللاعبين ذوي المواقف السياسية أو الدينية الواضحة عن التتويج ومع ذلك، يبقى أمام محمد صلاح التحدي الأكبر: تقديم موسم استثنائي يفرض على الجميع الاعتراف بأحقيته، مهما كانت المواقف أو الحسابات السياسية.

هل لصلاح مواقف مشابهة في السابق؟

بالتأكيد لمحمد صلاح سجل من المواقف الإنسانية، خاصة المتعلقة بالقضية الفلسطينية ففي مقطع مصور قبل نحو عامين، دعا إلى ضرورة دعم غزة وتسهيل وصول المساعدات الغذائية والدوائية إليها
كما أن موقفه الشهير عندما كان لاعبًا في صفوف بازل السويسري ضد مكابي تل أبيب، لا يزال حاضرًا في ذاكرة الجماهير؛ حيث استفز لاعبي الفريق الإسرائيلي طوال المباراة، ورفض مصافحة أي منهم، وسجد احتفالًا بالهدف داخل الأراضي المحتلة أمام آلاف المشجعين. واليوم، يضيف موقفه من وفاة سليمان العبيد إلى هذه القائمة

هل ترى أن هذه الحادثة أدخلت النقاش في إطار أوسع بين الرياضة والسياسة؟

لا، أعتقد أن رد صلاح كان إنسانيًا في المقام الأول، بعيدًا عن السياسة أو الرياضة. هو نفسه دائمًا يؤكد في تصريحاته احترامه المطلق للقيم الإنسانية، وهو ما انعكس في هذه التغريدة.

وماذا عن موقف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم من توضيح أسباب وفاة العبيد؟
من الواضح أن الاتحاد الأوروبي سيواصل التعتيم، ولو كان هناك نية لذكر السبب لتم الإعلان عنه منذ البداية. لكن الإيجابية في تغريدة صلاح أنها دفعت الملايين للبحث عن الحقيقة وراء الوفاة، وهو ما يُسهم في فضح هذه الجرائم التي يتم طمسها إعلاميًا

هل قد يؤثر ذلك على صورة صلاح دوليًا أو على علاقاته بالجماهير الإسرائيلية أو العالمية؟

منذ بداياته في أوروبا، وتحديدًا مع فريق بازل، كان موقف صلاح واضحًا برفض أي تطبيع رياضي أو جماهيري مع الاحتلال. وهو لا يعترف بوجود ما يُسمى “الجماهير الإسرائيلية” من الأساس، بل يرى أن القضية تتجاوز الرياضة، وأن ما يحدث في فلسطين مسألة إنسانية وعدالة قبل كل شيء.