مصر تتحول إلى جسر عالمي للطاقة بمشروع الربط الكهربائى

كتبت : نورهان فوزى

في ظل طموحات مصر الإقليمية والدولية، تمضي مصر بخطى واثقة نحو التحول إلى مركز عالمي للطاقة، مستندة إلى موقعها الجغرافي الفريد الذي يربط بين قارات العالم الثلاث إفريقيا وآسيا وأوروبا، إلى جانب استراتيجيتها طويلة المدى “رؤية مصر 2030” التي تركز على تعزيز الاقتصاد الوطني
ومن بين الأدوات الأبرز لتحقيق هذا الطموح، تأتي مشروعات الربط الكهربائي، التي لا تقتصر أهدافها على تبادل الطاقة فقط، بل تمتد إلى تقليل تكاليف الإنتاج، ودعم استقرار الشبكات الكهربائية، وزيادة الصادرات من الكهرباء، لا سيما الأسواق التي تعاني من فجوات في إنتاج الطاقة
الربط الكهربائي بين مصر والسعودية مشروع استراتيجي عربي
يُعد مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسعودية واحدًا من أهم المشاريع الحيوية في المنطقة، حيث وُلدت فكرته في عام 2012، وتم توقيع عقود التنفيذ عام 2021 بتكلفة إجمالية بلغت 1.8 مليار دولار
ويهدف المشروع إلى تبادل 3000 ميجاوات من الكهرباء، بما يعزز التكامل بين أكبر شبكتين كهربائيتين في العالم العربي، ويُستخدم في هذا المشروع ولأول مرة في مصر نظام التيار المستمر (DC)
وبحسب أحدث التقارير، بلغت نسبة تنفيذ المشروع حتى فبراير 2025 أكثر من 68%، على أن يبدأ تشغيل المرحلة الأولى (1500 ميجاوات) في يوليو 2025، تليها المرحلة الثانية في نوفمبر 2025 ،ومن المتوقع أن يحقق المشروع عوائد استثمارية تتراوح بين 13% و20%، بفضل فرق توقيت الذروة في الاستهلاك بين البلدين.

جسور طاقة عربية وإفريقية
تُعد مصر من أوائل الدول التي أدركت أهمية التكامل الإقليمي في مجال الطاقة، حيث بدأت مشروعات الربط مع دول الجوار منذ التسعينيات، وتم بالفعل الربط مع:
الأردن منذ عام 1998 بقدرة 450 ميجاوات، مع خطط لزيادتها إلى 2000 ميجاوات لتوسيع الربط مع العراق وسوريا.
ليبيا منذ عام 1998 بقدرة 240 ميجاوات، مع دراسات حالية لرفع القدرة إلى 2000 ميجاوات على جهد 500 كيلوفولت.
السودان، حيث بدأت المرحلة الأولى في 2020 بقدرة 70 ميجاوات، وهناك خطة طموحة للوصول إلى 3000 ميجاوات، وهو ما يفتح الباب أمام الربط مع إثيوبيا ودول حوض النيل.
وهذه المشروعات تضع مصر كممر أساسي للطاقة بين القارة الإفريقية وباقي العالم.

مصر بوابة الطاقة النظيفة لأوروبا
الاهتمام الأوروبي المتزايد بالطاقة المتجددة منح مصر فرصة ذهبية، خاصة مع مشروع الربط الكهربائي مع اليونان، والذي يستهدف تصدير 3000 ميجاوات من الطاقة النظيفة، عبر كابل بحري ضخم بتكلفة تقدر بـ3 مليارات دولار

المشروع يُنتظر تمويله من مؤسسات دولية على رأسها الاتحاد الأوروبي وبنك الاستثمار الأوروبي، ضمن خطة أشمل لتحويل مصر إلى مصدر رئيسي للطاقة النظيفة نحو القارة الأوروبية
عوائد اقتصادية وبيئية واعدة
مشروعات الربط الكهربائي ليست مجرد توسعات فنية، بل تمثل فرصًا اقتصادية استراتيجية، حيث تُنتج مصر الكهرباء بتكلفة تقترب من 4 سنتات/كيلووات ساعة، بينما يمكن تصديرها بأسعار أعلى إلى أوروبا وإفريقيا، مما يحقق عوائد مالية بالعملة الصعبة.

كذلك، تدعم هذه المشروعات الاتجاه نحو الاستدامة البيئية، مع اعتماد متزايد على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حيث تمتلك مصر قدرات مركبة تفوق 6000 ميجاوات من مصادر الطاقة المتجددة.
رغم التحديات مثل التمويل والتنسيق بين الدول، فإن الدعم الحكومي والاعتماد على مؤسسات تمويل دولية مثل البنك الدولي والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية يعزز فرص إنجاح هذه المبادرات.

نحو شبكة طاقة عابرة للقارات
تسير مصر بخطى ثابتة نحو تحقيق حلمها بأن تكون جسرًا للطاقة بين القارات الثلاث، مع توسع في خطط الربط لتشمل دول المغرب العربي ودول المشرق، مما يعزز مكانتها كمركز حيوي لتداول وتوزيع الطاقة في العالم.