حوار علياء الهواري
من داخل الهرم، حيث تم تصوير مشاهد من فيلم Fountain of Youth، تبدأ مصر فصلاً جديدًا في تسويق حضارتها، ليس فقط عبر المتاحف بل من خلال عدسات السينما العالمية. في حوار خاص لـ”نافذة الشرق”، يحدّثنا الدكتور مجدي شاكر، كبير أثريين بوزارة السياحة والآثار المصرية، عن خطة الدولة في فتح المواقع الأثرية أمام صناعة السينما العالمية
بعد تصوير فيلم Fountain of Youth داخل الهرم.. كيف تسوق السينما المصرية للمواقع الأثرية عالميًا؟
تصوير فيلم واحد داخل موقع أثري كفيل بإحداث ضجة إعلامية عالمية، ويجعل هذه الأماكن محفورة في ذاكرة المشاهد. السينما قوة ناعمة قادرة على الترويج للسياحة بشكل غير تقليدي، أقوى من الإعلانات التقليدية أحيانًا.
كيف يتم التنسيق مع وزارة الآثار؟ ما هي الشروط والضوابط؟
هناك منظومة متكاملة تضم نحو 15 جهة حكومية، منها وزارة الآثار، تعمل حاليًا على تأسيس شركة داخل مدينة الإنتاج الإعلامي لتسهيل الإجراءات وتوحيد التصريحات. الوزارة تقدم كافة المعلومات والدعم، مع الحفاظ على سلامة المواقع وشروط التصوير المناسبة.
ما أهمية ذلك للترويج السياحي؟
التصوير داخل الأماكن الأثرية يفتح شهية السائح لاكتشاف التاريخ عن قرب. نحن لا نروّج للمكان فقط، بل نصنع شغفًا حوله، وهذا يعزز من فرص زيادة الحركة السياحية. فيلم واحد يمكنه تغيير صورة كاملة عن وجهة سياحية، خاصة إذا تم تسويقه جيدًا على المنصات العالمية. وهو ما يعكس دور السينما كسفير ثقافي لمصر في الخارج.
هل مصر مؤهلة لتكون هوليوود الشرق الأوسط؟
بكل تأكيد. مصر تمتلك كافة المقومات لذلك؛ مواقع تصوير طبيعية وتاريخية لا مثيل لها في العالم، إضافة إلى الخبرات الفنية والكوادر البشرية المحترفة. ما نحتاجه فقط هو الاستمرار في تطوير البنية التحتية وتسهيل الإجراءات البيروقراطية، وهي خطوات بدأت الدولة فعليًا في تنفيذها. مع تفعيل هذه المنظومة الجديدة، يمكن أن تتحول مصر إلى قبلة لصنّاع السينما العالمية، كما كانت في الخمسينيات والستينيات، بل وأكثر.
هل سنشهد تعاونًا أكبر بين وزارة السياحة والآثار والسينمائيين؟
نعم، هذا التعاون أصبح ضرورة وليس رفاهية. نحن في الوزارة ندرك تمامًا قيمة السينما في خلق صورة ذهنية قوية عن مصر. وندعو كافة المبدعين والمنتجين للتعاون المشترك من خلال منصة واضحة تنظّم هذا العمل. كما أننا نرحب بالنقّاد السينمائيين ليكون لهم دور في توجيه الإنتاج نحو محتوى يحترم التراث ويبرزه بطريقة جاذبة. مصر مليئة بالكنوز، وعلينا فقط أن نُحسن روايتها.
حين تجتمع الحضارة مع الفن، تُولد تجربة لا تُنسى. ومصر، بتاريخها الممتد لآلاف السنين، لا تكتفي بأن تكون متحفًا مفتوحًا، بل تتحوّل الآن إلى منصة إبداع حيّ تستقطب صُنّاع السينما من كل أنحاء العالم. من قلب الأهرامات إلى معابد الأقصر وأسوار القاهرة التاريخية، هناك مشاهد تنتظر أن تُروى، وقصص تستحق أن تُعرض على الشاشة الكبيرة.
الرهان على السينما ليس فقط لأجل الترويج السياحي، بل هو استثمار في القوة الناعمة، في الثقافة، وفي بناء صورة ذهنية لمصر كوجهة عالمية نابضة بالحياة والتنوع. ومع الجهود الجارية من وزارة السياحة والآثار، والشراكة المتكاملة بين الجهات الحكومية، والمبدعين من صنّاع الأفلام، فإن مصر تسير بخطى ثابتة نحو استعادة دورها التاريخي كـ”هوليوود الشرق”.
وإذا كان التاريخ قد منح مصر إرثًا لا يُضاهى، فإن الحاضر يفتح أمامها نافذة ذهبية لتقدّمه للعالم بأحدث لغة يفهمها الجميع: لغة السينما.