كتب: محمد عبده
ترامب يشعل حربا سياسيا وتجاريا
بعد قرارات ترامب الاقتصادية والتجارية.. ما الذي ينتظر العالم؟
عبده: التهجير والبريكس.. مصر قد تصبح هدفا
يعقوب: تحركات أسواق المال في العالم ما هي إلا ردة فعل على سياسات الولايات المتحدة الاقتصادية
أبو الفتوح: النمو العالمي سيتراجع
عسكر: فرصة مشروطة لصناعة السيارات
قرارات متعاقبة أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ وصوله إلى البيت الأبيض، أدت لتغيير مجرى الخطط السياسية والاقتصادية على مستوى العالم بسبب ما بات يطلق عليها «حرب ترامب التجارية».
بدأت حرب ترامب التجارية بفرض رسوم جمركية جديدة بقيمة 10% على واردات الولايات المتحدة من الصين، وبقيمة 25% على منتجات كندا والمكسيك، وعلى الرغم من تأجيل تنفيذ الرسوم الجديدة على الدولتين الأخيرتين لمدة شهر ، إلا أن ترامب أكد على تنفيذها عقب انتهاء المهلة، وزاد قلق أصحاب الصناعات الثقيلة مع إعلان ترامب فرض جمارك إضافية على واردات الصلب والألومنيوم بقيمة 25%.
تمدد حرب ترامب التجارية والسياسية
لم يكتفي ترامب بالقرارات السابقة بل توجه صوب حلفاءه التاريخيين في أوربا ، فلم تنجو القارة العجوز من نيران الرسوم التجارية الترامبية بل أنها ربما تكون الهدف التالي وفقا لحديث ترامب نفسه الذي أكد أن المنتجات الأوربية ستخضع لرسوم إضافية بقيمة 20% في القريب، علاوة على استبعاد الشركاء الأوربيين من مفاوضات إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية.
تضمنت سياسة ترامب خططًا سياسية غير مسبوقة لإنهاء النزاعات الدولية، من طلبه الاستيلاء على ثروات أوكرانيا الطبيعية مقابل المساندة أمام روسيا، لحديثه عن تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن مقابل دعم مالي غير مسبوق، وغيرها من القرارات التي رسخت القلق العالمي وجعلت كل دولة تدرس كيف تتعامل مع السياسات الأمريكية الجديدة.
البنوك المركزية تترقب النتائج
يؤكد وائل النحاس الخبير الاقتصادي أن تثبيت أسعار الفائدة الأمريكية يدل على ترقب مجلس الاحتياطي الأمريكي لتأثير التخفيضات الثلاثة الماضية، بالإضافة لما ستسفر عنه قرارات ترامب الاقتصادية، وبالتأكيد ستتبع أغلب البنوك المركزية سياسات التثبيت انتظارا للنتائج.
وتوافق الدكتورة رانيا يعقوب عضو مجلس إدارة البورصة المصرية والخبيرة الاقتصادية، على توجه البنوك المركزية لتثبيت أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة خوفا من تصاعد وتيرة التضخم مرة أخرى، بل ربما تعود سياسات الرفع وحينها سترتفع تكلفة الديون والإنتاج ما ينذر بمزيد من التراجع الاقتصادي العالمي.
وتبرز يعقوب في حديثها إلى «نافذة الشرق» تداعيات حرب ترامب التجارية على الاقتصاد العالمي، مؤكدة أن تحركات أسواق المال في العالم ما هي إلا ردة فعل على سياسات الولايات المتحدة الاقتصادية.
وتوضح: السياسات الحمائية التي ستتخذها الدول للرد على قرارات ترامب سترفع أسعار السلع والاضطرابات في قناة بنما سترفعها أكثر، وكل ارتفاع في السلع يرفع معدلات التضخم العالمي مرة أخرى، بالتالي إبطاء خفض الفائدة على مستوى البنوك المركزية.
وتضيف أن أسواق الذهب الأكثر استفادة من الحرب التجارية الحالية في ظل توجه المستثمرين لحفظ أموالهم لحين استيضاح مستقبل الأسواق، متوقعة أن يحقق الذهب سعر 3000 دولار للأونصة قبل مارس المقبل، بشرط استمرار ترامب على نهجه.
البريكس والتهجير.. مصر قد تصبح هدفًا
يرى الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي أن مصر قد تصبح هدفًا في ظل مواجهتها تهديدات وضغوط غير مسبوقة من ترامب الذي يدير السياسة والاقتصاد بمنهج “البلطجة” انطلاقًا من قوة نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية في العالم، مضيفًا أن قرارات ترامب بزيادة الرسوم الجمركية تناقض قوانين التجارة الدولية إلا أن لا أحد يستطيع مواجهة أو ردع قراراته.
ويقول إن “مصر بالفعل ضمن الدول المتأثرة بالسياسات الترامبية”، أولًا في ملف مجموعة البريكس التي هددها ترامب منذ اليوم الأول بأن أدنى تحرك تجاه إصدار عملة أخرى عوضا عن الدولار الأمركي سيواجه بإجراء عنيف، معتقدًا أن ترامب يقصد فرض عقوبات أو منع المنح والإعانات الأمريكية، ونفس الأمر ربما تواجهه مصر بعد رفض مصر تهجير الفلسطينيين ومنح غزة للولايات المتحدة.
الألومنيوم والصلب.. فرصة مشروطة
على جانب آخر يعتقد المهندس جمال عسكر وكيل لجنة الصناعة بنقابة المهندسين أن قطاع السيارات في مصر ممكن يستفيد من الحرب التجارية بين الصين وأمريكا، لا سيما أن السيارات تأتي في قلب الحرب التجارية الدائرة بين عمالقة الاقتصاد العالمي، إلا أن الفرصة مشروطة.
ويوضح عسكر في تصريح خاص إلى «نافذة الشرق» أن مصر تستطيع جذب مصنعي السيارات ومكوناتها في الصين للإنتاج داخل المناطق الصناعية الجديدة كمدينة طربول وشرق بورسعيد وغيرها، ومن ثما تفلت السيارات من الجمارك الأمريكية والأوربية المتزايدة في ظل تمتع مصر باتفاقيات إعفاء جمركي مع أوربا وغيرها من الدول الإفريقية
قال المهندس جمال عسكر وكيل لجنة الصناعة بنقابة المهندسين :” إن حرب ترامب مع الصين فرصة ذهبية لقطاع السيارات في مصر، لا سيما أن السيارات واحدة من أهم الملفات الخلافية بين الدولتين بل وبين دول الاتحاد الأوربي التي تفرض جمارك متزايدة على المنتجات الصينية”.
ويوضح عسكر في حديثه إلى «نافذة الشرق» أن مصر تستطيع جذب مصانع السيارات والمكونات الصينية إلى أرضها عبر مجموعة من الحوافز الغير مسبوقة من أراضي في شرق بورسعيد وغيرها من المناطق الصناعية واعفاءات ضريبية.
الدكتور هاني أبو الفتوح الخبير الاقتصادي يقول إن فرض 25% زيادة على واردات الصلب والألومنيوم أثار ترقبا لتأثيرات كبيرة على الاقتصاد العالمي لأن في ظل ارتفاع فرص الربح لدى مصنعي الصلب والألومنيوم، إلا أن الصناعات المرتبطة بها كالسيارات والمنازل وغيرها سترتفع تكلفة الإنتاج لديها بما يؤثر سلبا على المستهلكين ويرفع نسب التضخم داخل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها ومن ثما العالم.
ويتابع أن ردود الفعل المتوقعة من الدول المتأثرة، ستحدث آثارًا سلبية على معدلات النمو العالمي خلال الفترة الحالية في ظل التحديات المفروضة على الحركة التجارية.
سياسات شعبوية لا تنموية
خلال ولاية ترامب الأولى في 2016 لم تنجح سياسات ترامب الحمائية في رفع معدلات التشغيل أو تنمية الصناعة الأمريكية، بل رفعت شعبية الحزب الجمهوري فقط ما يدل على أنها وسائل دعائية شعبوية على غرار شعار ترامب الانتخابي -أمريكا عظيمة مرة أخرى- تخاطب مشاعر المحافظين والقوميين من المواطنين الأمريكان ولا تعتمد على دراسات واستراتيجيات لتنمية حقيقية.
ولكن يظل السؤال الأبرز من ينقذ العالم من أزمة حرب اقتصادية خلقها ترامب دون وعي بما يمكن أن تنزلق إليه أوضاع الدول الاقتصادية جراءها؟