معضلة الملف الليبى… محاولات الحل وسيناريو الاخفاق

ما بين الأطراف السبعة الممسكة بزمام الحل في ليبيا ممثلة في مجلس النواب ومجلس الدولة والقيادة العامة والمجلس الرئاسي وبلديات طرابلس وبنغازى والحركات المسلحة، وبين الأطراف الدولية الفاعلة جرت محاولة عديدة لحل المعضلة الليبية لكن دون جدوى. وتسلط هذه المقالة الضوء على الوساطة التي حاول المجتمع الدولي والأمم المتحدة القيام بها في ليبيا منذ أن وصل الربيع العربي إلى ليبيا في عام 2011، وبدلا من أن تغير الثورة حالها، ابتليت بالصراع وحلقات الحرب الأهلية والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان والتدخل الأجنبي. وفي حين تستمر جهود الوساطة دون هوادة، يبدو أن الأزمة الليبية تتحدى الحل. ويمكن تحديد الأسباب وراء الفشل بسهولة من خلال اللجوء إلى الكليشيهات المعتادة التي تشير بأن الأزمة والفشل تتمثل في افتقار ليبيا إلى الدولة والهوية الوطنية. في حين أن جهود الوساطة المختلفة فشلت بسبب عيوبها المتأصلة والتأثير المدمر للتنافس بين القوى الأجنبية، وخاصة بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وعلى المستويين الوطني والدولي، كان الإجماع في أغلب الأحيان معرقلاً بسبب المصالح الأجنبية المتضاربة.

 وإذا فندنا التدخلات الدولية لحل الازمة الليبية فسنجد أنها دوما محاطة بأجندة خاصة ومصالح وورقة المهاجرين غير الشرعيين وهدفهم الانتقال لأوروبا عبر البحر المتوسط. ولعل ما بتته شبكة سي إن إن سنة 2017 من لقطات صادمة لعشرات المهاجرين وهم يُباعون في مزادات العبيد في ليبيا، يمثل ضغوطا ومتاجرة بالملف الليبي بشكل كبير. حيث أظهرت مجموعات من المهاجرين محتجزين في زنازين أو محاطين برجال مجهولين، بينما يفتح مزاد يعمل في فناء مضاء بالكشافات عطاءات لشراء إنسان آخر. يبدأ المزاد بمبلغ 400 دولار، ثم يرتفع إلى 500 دولار، ثم 600 دولار. ثم يتوقف المزاد عند 800 دولار ويُباع شاب لمشترٍ لم يُكشف عن هويته. وقد حفز هذا التقرير المجتمع الدولي على معالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في ليبيا. وبعد فترة وجيزة، دعت فرنسا إلى عقد جلسة خاصة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حيث ضغطت من أجل مقاضاة المسؤولين عن المزادات وفرض عقوبات عليهم. وعلى نحو مماثل، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش عن رعبه العلني من اللقطات وحذر من أن هذا قد يشكل “جرائم ضد الإنسانية”. لكن السؤال الذى يطرح نفسه ما هي الجهات المستفيدة من هذا التصوير وهذا البث التليفزيوني؟  بل لم يقتصر الامر عند هذا الحد، فعلى سبيل المثال، أفادت منظمة العفو الدولية في عام 2016 بأن المهاجرين قد تعرضوا للعنف الجنسي والقتل والتعذيب والاضطهاد الديني من قبل المهربين والمتاجرين والعصابات الإجرامية والميليشيات المسلحة في ليبيا. ووثقت لجنة خبراء الأمم المتحدة في تقريرها الصادر في يونيو 2017 انتهاكات واسعة النطاق ضد المهاجرين شملت الإعدام والتعذيب والحرمان من الطعام والماء والوصول إلى الصرف الصحي. وذهب الدبلوماسيون الألمان إلى حد وصف المرافق الليبية بأنها مشابهة لمعسكرات الاعتقال. وأشارت تقديرات دولية بأن ما بين 400 ألف ومليون مهاجر محاصرون في ليبيا عام 2017. وهذا يعني أن بعضاً من أبشع انتهاكات حقوق الإنسان في العالم لا تحدث على عتبة أوروبا فحسب، بل  وتؤثر أيضاً حسب زعمهم على مئات الآلاف من الناس. لكن ما علاقة هذا بالملف الأساسي وهو إعادة ليبيا لحالة الاستقرار والامن التي كانت عليها قبل عام 2011.

 من هنا يمكن القول بأن التدخل الدولى كانت له أجندته الخاصة المحملة بأورق ضغط على القائمين على الملف الليبي وهم كثر. وبالتالي بدلا من التركيز على تقريب وجهات النظر سعت الأطراف الدولية الى الضغط والابتزاز واثارة النزاعات بين الأطراف المحلية ودس الفتن بينها. ومع ذلك كانت هناك محاولات من جانب المجتمع الدولي للمساعدة في إعادة بناء البلاد وتأسيس العمل الأساسي لحكومة فعّالة، لكن عانت هذه الجهود من نقص القيادة والموارد وقوة الإرادة. قعلي سبيل المثال، ثبت أن التزام أوروبا غير كافٍ مع قادة مثل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذين سرعان ما انشغلوا بحملات العلاقات والمخاوف الاقتصادية سنة 2016. ولم يكن الأمر كذلك إلا قبلها في عام 2013 عندما أرسل حلف شمال الأطلسي فريقا استشاريا صغيرا إلى ليبيا لتقديم المشورة بشأن بناء المؤسسات الدفاعية. واستمرت الأمم المتحدة في الحفاظ على مهمة استشارية سياسية محدودة. واختار مجلس الأمن عدم تفويض مهمة حفظ سلام رسمية. وفي الوقت نفسه، أقرت الحكومة الليبية المؤقتة قانون عزل سياسي، ونفذت ترتيبا انتخابيا غير فعال أدى إلى تفاقم الانقسامات القبلية والإقليمية مع جعل تقاسم السلطة أكثر صعوبة. ونتيجة لذلك، تدهورت ليبيا إلى دولة فاشلة، تتسم بالفساد والجهوية والقبلية وعدم اعلاء المصالح العليا للوطن. ولم تفشل القوى الغربية في مساعدة ليبيا بشكل كاف في إعادة البناء بعد إزاحة القذافي فحسب، بل عملت بنشاط على تعزيز السياسات التي أدت إلى تفاقم الأمور.

 وبطبيعة الحال لن يأتي الاستقرار والحكم الشرعي إلى ليبيا ما لم تبذل أوروبا جهوداً دبلوماسية حقيقية لدعم عملية السلام الهشة في البلاد. لكن هذه الجهود أصبحت أكثر تعقيداً وإلحاحاً في نفس الوقت. بل إن عملية السلام الهشة التي قادتها الأمم المتحدة لتنظيم انتخابات وطنية، تعرض الاتفاق الخاص بها، لخطر الانهيار بسبب العراقيل التي فرضها الجنرال خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، بدعم من روسيا. في حين قدم الأوروبيون الدعم لعملية الأمم المتحدة علنًا وبقوة. واعتقد أن التنافس على النفط الليبي هو أحد الأسباب الرئيسية على تفاقم المعضلة وزخم الأطراف الدولية الفاعلة. حيث يشكل هذا النفط حوالي 3% من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم و41% من الاحتياطيات المؤكدة في أفريقيا. وكذا فإن موقع ليبيا الجغرافي على البحر الأبيض المتوسط ​​يجعلها مفترق طرق بين أوروبا وأفريقيا، وقربها من الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي يجعل ليبيا دولة في الخطوط الأمامية في المنافسة العالمية بين القوى العظمى. وهو ما زاد من وتيرة المصالح والضغوط وذهاب كل فريق لمجموعة محلية تخدم مصالحه، مقابل الدفاع عن حصتها في الحكم والسلطة والنفوذ.

 ومن المعروف انه منذ سقوط معمر القذافي عام 2011، أصبحت ليبيا ساحة للقوى الإقليمية المتنافسة لتسوية الحسابات وممارسة النفوذ. وقد طورت الجهات الخارجية الفاعلة من وكلاء وتحالفات متغيرة تتنافس على السيطرة على موارد الطاقة الهائلة في البلاد. حيث استمرت ليبيا في العمل بدون حكومة مركزية يمكنها فرض الأمن أو ممارسة السيطرة السياسية والاقتصادية على البلاد بأكملها. وقد سمح هذا للمنظمات المسلحة والإجرامية بالعمل دون عقاب. وأصبحت الجهات الفاعلة المسلحة غير الحكومية تهدد عملية التسليم المستمر للنفط إلى الأسواق الدولية، وتسهل تدفق السلع غير المشروعة، كالمخدرات والأسلحة، والأشخاص عبر منطقة المغرب العربي والساحل، وتزعزع استقرار الدول المجاورة. ثم سعت الصين إلى تعميق نفوذها في ليبيا، سعياً إلى إيجاد فرص لإعادة الإعمار والاستثمار. ويشكل الوجود الصيني تهديداً لأسواق الطاقة العالمية ويزيد من قدرة بكين على ممارسة الضغوط الاقتصادية على أوروبا، وخاصة البلدان التي تعتمد على ليبيا في الحصول على النفط أو تلك الواقعة على طول البحر الأبيض المتوسط ​​والتي قد تتأثر بالهجرة غير النظامية واسعة النطاق.

ونقفز مباشرة الى السنوات الأخيرة من المعضلة، حيث كان الفشل في عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ديسمبر 2021 قد ظل يعمق الانقسامات المؤسسية والسياسية، ويزيد من حدة التوترات بين الخصوم السياسيين والفصائل المسلحة مع آثار سلبية دائمة على الرفاهة الاجتماعية والاقتصادية للسكان الليبيين. ولعل انتظام الجماعات المسلحة حول المدن أو الأحياء أو المجموعات الثقافية المحددة، وتحديد هويتها من خلال هذه الانتماءات المحلية، هو الذى عقد الجهود الوطنية لتحقيق السلام والتنمية. وعلى الرغم من التقلبات الكبيرة والمخاوف بشأن استئناف الأعمال العدائية، إلا أن اتفاق وقف إطلاق النار المنعقد في أكتوبر 2020 قد ظل ساري المفعول وشكل الأساس للتقدم نحو حل مشكلة النزوح الداخلي والانتقال إلى التعافي وإعادة الإعمار. واعتبارًا من فبراير 2024، سجلت مصفوفة النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة ما مجموعه 147,382 نازحًا في ليبيا، بما في ذلك 107,203 نازحًا داخليًا بسبب النزاع، و40,179 نازحًا داخليًا بسبب الفيضانات، ولا سيما العاصفة دانييل في سبتمبر 2023. وكان النازحون داخليًا بسبب الفيضانات (80%) والصراع (70%) على مسارات الحلول الدائمة، بينما ظل 40,826 فردًا بحاجة إلى مساعدات إنسانية.

ومع ذلك استمرت الانقسامات العميقة بين الأطراف الليبية، في حين أربك الوضع الاقتصادي الهش الجهود الرامية للتوصل إلى تسوية سياسية. وتنافست سلطتان في الأجزاء الشرقية والغربية على الشرعية والسيطرة، حيث عملت الجماعات المسلحة والميليشيات التابعة لها بإفلات من العقاب، وزادت من القمع ضد الجماعات المدنية وقمعت حرية التعبير. ففي حين تسيطر حكومة الوحدة الوطنية ومقرها طرابلس، والتي تم تعيينها كسلطة مؤقتة في عام 2021 من خلال عملية تقودها الأمم المتحدة، على غرب ليبيا جنبًا إلى جنب مع الجماعات المسلحة التابعة لها، كانت هناك جماعة مسلحة منافسة تُعرف باسم القوات المسلحة العربية الليبية تسيطر على شرق وجنوب ليبيا إلى جانب أجهزة أمنية وميليشيات تابعة لها، وإدارة مدنية تُعرف باسم الحكومة الليبية. وفى كل تلك السياقات عمل نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على استئناف المحادثات السياسية بين أصحاب المصلحة الليبيين. لكن لم تتوصل المحادثات في تونس في فبراير والقاهرة في يوليو2021، بين أعضاء مجلس النواب المتمركز في الشرق والمجلس الأعلى للدولة المتمركز في طرابلس، إلى توافق بشأن قوانين الانتخابات. وتم تأجيل الانتخابات المقرر إجراؤها في الأصل في ديسمبر 2021 إلى أجل غير مسمى بعد فشل أصحاب المصلحة الليبيين في الاتفاق على أساس تشريعي ودستوري.

وعلى هذا قادت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عملية لتوحيد مشاريع قوانين المصالحة التي تغطي العفو والتعويضات والعدالة والمصالحة بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وهيئة صياغة الدستور. لكن لم يتم تمرير مشروع القانون الموحد في مجلس النواب ولم يتم طرحه للتصويت. وفى حين عملت الجماعات المسلحة ظاهريًا تحت إشراف وزارتي الدفاع أو الداخلية في الحكومات المتنافسة، واصطدمت بشكل متكرر، إلا أن اعمالها أحيانا انصبت داخل مناطقها سواء في الشرق أو الغرب الليبي. ومع انه منذ أغسطس 2020، قد خفت حدة العنف عندما أعلنت حكومة الوفاق الوطني وقف إطلاق النار من جانب واحد الان ان الأمور كانت دوما تتعرض لتعثر وفشل . فبعد أن أنهى حفتر  الحصار النفطي  بعد فترة وجيزة، مما مهد الطريق لوقف إطلاق النار على الصعيد الوطني الذي تم توقيعه في أكتوبر، راحت تظهر بعض العراقيل.  حيث أنشأ وقف إطلاق النار لعام 2020  اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5، التي تتألف من ضباط من حكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي، للعمل على تنفيذ وقف إطلاق النار وقضايا أمنية أخرى. وأحرزت اللجنة العسكرية المشتركة تقدمًا، لكنها كافحت لتحقيق انسحاب المقاتلين الأجانب. وشكل منتدى الحوار السياسي الليبي  حكومة مؤقتة ، حكومة الوحدة الوطنية، في مارس 2021 لتوحيد حكومة الوفاق الوطني ومجلس النواب استعدادًا للانتخابات الوطنية.  وعين منتدى الحوار السياسي الليبي  عبد الحميد الدبيبة رئيسًا للوزراء ومحمد المنفي، ممثل الفصيل الشرقي، رئيسًا. ووافق مجلس النواب بالإجماع تقريبًا على  الحكومة الجديدة، وتنازلت حكومة الوفاق الوطني بقيادة السراج والبرلمان المتمركز في الشرق عن السلطة لحكومة الوحدة الوطنية الجديدة. لكن في 21 سبتمبر 2021، خيب مجلس النواب الآمال في إجراء انتخابات عندما أقر  اقتراحًا بحجب الثقة  عن حكومة الوحدة الوطنية. ودعا الدبيبة الليبيين إلى  الاحتجاج  على قرار مجلس النواب  وتراجع  عن وعده بعدم الترشح في الانتخابات، وأعلن ترشحه مع  حفتر ونجل القذافي، المرشحين البارزين الآخرين. ومع ذلك، أرجأت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات لأجل غير مسمى قبل أيام قليلة من التصويت، مع  نشوء التوترات  بشأن أهلية المرشحين والسلطات الرئاسية والبرلمانية. ودعا مجلس النواب إلى  حل  حكومة الوحدة الوطنية، بحجة أن ولايته انتهت في 24 ديسمبر، لكن الدبيبة رفض التنحي وقال بأن حكومته ستبقى  في مكانها حتى إجراء الانتخابات. وفي مارس 2022، وافق  مجلس النواب  على  حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، مما أدى فعليًا إلى إنشاء حكومة منافسة مقرها سرت.

  وأدى تشكيل حكومتين متنافستين إلى إشعال  الصراعات  من أجل السيطرة على الأراضي والموارد. ففي مارس 2022،  استولت قوات حفتر على  مقر حكومة الوحدة الوطنية في بنغازي  وقطعت  الوصول إلى حقول النفط والغاز لحرمان حكومة الوحدة الوطنية من الإيرادات لأنها رفضت منح باشاغا حق الوصول إلى أموال الدولة لميزانية حكومته. وفي ظل عدم وجود أي أمل في التوصل إلى حل سياسي ومواجهة مجلس النواب للاحتجاجات، دخل باشاغا طرابلس وحاول  تنصيب  حكومته. لكنه فشل،  واندلع القتال  في العاصمة بين قوات الحكومة المتنافسة في أغسطس بعد أشهر من المناوشات.

 ومع تحسن الظروف في أواخر عام 2022، ظلت التوترات مرتفعة  مع تعزيز مجلس النواب  لمؤسساته وتصدع المفاوضات السياسية. ومع  فشل المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة  في اكتساب الزخم، شرع مجلس النواب في مساره الخاص، حيث أقر  تعديلاً دستورياً  في مارس 2023 من شأنه أن يمهد الطريق للانتخابات. واقترح تعيين لجنة تنفيذية وطنية جديدة  لتحل محل المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب. كما انخرط مجلس النواب في محادثات مع المجلس الأعلى للدولة، وشكل  مجلسًا مشتركًا 6+6  لوضع خارطة طريق للانتخابات. وفي يونيو 2023، أوصت تلك الهيئة بتشكيل  حكومة مؤقتة جديدة استعدادًا للانتخابات. وبينما ايد حفتر الاقتراح، رفض الدبيبة ذلك وعزز سلطته بعد عامين على رأس السلطة في طرابلس، ومنع أي جهد لتشكيل هيئة حاكمة انتقالية جديدة،  وأصر على أن  حكومته ستستمر في العمل كحكومة “مؤقتة” حتى الانتخابات.

 وتطورت المعضلة الليبية أكثر عام 2024 الى أن حدث اجتماع لندن فى نهاية ذلك العام، وضم كل من أمريكا وبريطانيا والمانيا وفرنسا وايطاليا ومصر وتركيا و 2+2+3 ، بهدف التضييق على برامج تجديد مشاريع ومشاركات المؤسسة الوطنية للنفط وأيضا السيطرة على المصرف المركزي ومشاريع الاعمار وخطط التنمية. غير أن الانقسام الحكومي وانقسام الإدارات التنفيذية بليبيا قد أضّر بالتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية. الأمر الذى استلزم وجوب الحديث حول البنك المركزي ومؤسسة النفط، وكذا ضرورة احداث تفاهمات امنية وعسكرية للوصول الى صيفة اتفاق حول حكومة واحده انتقالية، سواء بدمج الحكومتين القائمتين. وتعالت الاقتراحات حول ضرورة اجراء حوار داخلي بين الحكومة ومجلس النواب، وأن يقدم تعديل حكومي لمجلس النواب بالتشاور مع لجان مجلس الدولة لعرضها على مجلس النواب للمصادقة عليها .وكل ذلك بهدف تسليم السلطة الى حكومة تكنوقراط جديده بعيدا عن الأحزاب والمحاصصة السياسية. ولإعلاء المصلحة الوطنية ينبغي على الليبيين تشكيل لجنة حوار وطني، تمهيدا لمؤتمر عام ينتهى بإعلان دستور للمرحلة الانتقالية وتفويض حكومة غير مسيسة تضم كافة أطياف المجتمع الليبي من التكنوقراط. وتحدد الفترة الانتقالية بسنتين او ثلاث، يتم خلالها صياغة دستور دائم يفتح المجال لانتخابات رئاسية وبرلمانية في الفترة بعد الانتقالية، وإلا ستعاد الأمور الى بداياتها وتتفاقم المعضلة أكثر فأكثر.

حفظ الله ليبيا الشقيقة من كل سوء

د. أحمد عبد الدايم، أستاذ التاريخ السياسي والعلاقات الدولية بجامعة القاهرة