ممر تنموي جديد بين مصر والسودان: مشروع لوجستي يعزز التكامل الاقتصادي

بقلم بسمة هاني

في خطوة استراتيجية تعكس تحولًا في العلاقات المصرية السودانية، تتجه الحدود بين البلدين لتصبح ممرًا تنمويًا حيويًا. مشروع لوجستي جديد يفتح آفاقًا واسعة للتكامل الاقتصادي والتجاري بين القاهرة والخرطوم.

قال الدكتور رامي زهدي، خبير الشؤون الإفريقية ومساعد رئيس حزب الوعي للشؤون الإفريقية، في تصريحات خاصة لموقع “نافذة الشرق”، إن الحدود المصرية السودانية لم تعد مجرد خطوط فاصلة، بل تتحول اليوم إلى محور استراتيجي للتنمية والتكامل.

من الجغرافيا إلى الشراكة التنموية

وأشار زهدي إلى أن المشروع اللوجستي المزمع تنفيذه بين مصر والسودان يعكس تحولًا نوعيًا في الرؤية السياسية والاقتصادية بين البلدين، حيث لم يعد يُنظر للحدود كعائق، بل كجسر يمتد نحو تعاون حقيقي وشامل.

وأوضح أن هذا المشروع لا يقتصر على كونه بنية تحتية فحسب، بل يمثل منصة انطلاق نحو مرحلة جديدة من التبادل التجاري والصناعي، وكذلك الإنتاجي، بين القاهرة والخرطوم، مما يعزز التكامل في سلاسل القيمة والإمداد.

تكامل الموارد والإمكانات

ولفت إلى أن السودان تمتلك ثروات طبيعية وخامات أولية هائلة، في حين تمتلك مصر بنية صناعية متقدمة، وهو ما يُتيح فرصة مثالية لتكامل اقتصادي يحقق قيمة مضافة حقيقية، سواء من خلال التصنيع المشترك أو تعزيز التصدير للأسواق العالمية.

رسائل استراتيجية خلف المشروع

وشدد زهدي على أن هذا التحرك يعكس ثلاث رسائل محورية:

أولًا: مصر تُدرك أن استقرار السودان يمثل بعدًا مباشرًا من أبعاد أمنها القومي، وبالتالي فإن دعم الاقتصاد السوداني يصب في مصلحة الأمن الإقليمي لكلا البلدين.

ثانيًا: التنمية الإفريقية في المرحلة الراهنة لا تُبنى على المساعدات أو الشعارات، بل على تأسيس ممرات لوجستية حقيقية وتكامل اقتصادي يعزز التجارة البينية ويُضاعف من القيمة المضافة للموارد الإفريقية.

ثالثًا: القاهرة تعيد بناء علاقاتها الإفريقية على أسس المنفعة المتبادلة، متخلية عن أي خطاب وصاية أو تفوق، لصالح شراكة تقوم على تقاسم الرؤية والمكاسب والمسؤولية.

آفاق مستقبلية: من مشروع إلى شبكة متكاملة

وأكد الدكتور رامي زهدي أن المشروع اللوجستي ما هو إلا نواة أولى لمجموعة من المشاريع التكاملية الأوسع، مثل ربط شبكات السكك الحديدية، وإنشاء مناطق صناعية على الحدود، فضلًا عن إقامة مراكز تصدير مشتركة للسلع الإفريقية إلى أوروبا والأسواق العالمية.

من التوتر إلى الازدهار

ونوّه إلى أن الحدود التي طالما كانت تُرى تاريخيًا كمصدر للتوتر، تتحول اليوم إلى نقطة انطلاق لازدهار اقتصادي وتنموي، في نموذج يُحتذى به في التعاون الإفريقي-الإفريقي.

وختم زهدي حديثه مؤكدًا أن مصر لا تتعامل مع السودان كجار تقليدي، بل تنظر إليه كشريك حيوي في صياغة مستقبل إفريقيا التنموي المشترك.