مصر عقدت اتفاقيات تعاون عززت ثقة الخارج في الاقتصاد.. ولدينا مناعة ضد صدمات الإقليم
كتب : عبد الرحمن السيد
أكد النائب طارق السيد، عضو لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، أن ما حدث بين إسرائيل وإيران كان مواجهة محسوبة لن تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد المصري، في ظل الإجراءات التي اتخذتها الدولة، وارتفاع مؤشرات الثقة في السوق المحلية.
وأضاف “السيد” في حواره مع “نافذة الشرق” أن تحويلات المصريين بالخارج أصبحت عنصرًا رئيسيًا في دعم استقرار سعر الصرف، مشيرًا إلى أن جزءًا كبيرًا منها يُستخدم حاليًا في استثمارات عقارية ومشروعات صغيرة وشهادات ادخار، وليس فقط في نفقات المعيشة.
ولفت النائب طارق السيد إلى أن الاقتصاد المصري بات أكثر صلابة في مواجهة الصدمات الخارجية، وأن الجنيه مرشح لمزيد من الاستقرار إذا استمرت تدفقات النقد الأجنبي وزادت الصادرات، مؤكدًا أن الدولة تتبع سياسة نقدية مرنة، وأن التضخم في طريقه للتراجع.
وأشار عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب إلى أن مصر لا تزال وجهة آمنة للاستثمار رغم الاضطرابات الإقليمية، مستشهدًا بثقة المؤسسات الدولية وتوسع المستثمرين في القطاعات الإنتاجية والخدمية داخل السوق المحلي.
كما شدد على أهمية استمرار أدوات التحفيز المالي والنقدي، خاصة ما يتعلق بجذب تحويلات المصريين وتوسيع القاعدة الصناعية، معتبرًا أن تنويع مصادر النقد الأجنبي هو الضمانة الحقيقية للاستقرار.
وأوضح “السيد” أن ما يميز المرحلة الحالية هو وعي المواطنين، سواء في الداخل أو الخارج، بأهمية دعم الاقتصاد الوطني، وابتعادهم عن المضاربة أو التخزين، وهو ما يظهر بوضوح في استقرار السوق وتقليص الفجوة بين السعر الرسمي والموازي.
وإلى نص الحوار:
في البداية.. هل يمكن القول إن أزمة الدولار انتهت؟
الأزمة لم تنته تمامًا، لكنها باتت تحت السيطرة. الوضع الحالي يشهد تحسنًا ملحوظًا في مؤشرات سوق الصرف، وانخفاضًا كبيرًا في حجم السوق الموازية. هناك ثقة متزايدة في النظام المصرفي، بفضل الإجراءات الأخيرة التي اتخذها البنك المركزي والحكومة، كما أن المصريين بالخارج أصبحوا يفضلون القنوات الرسمية لتحويل أموالهم.
ما العوامل التي ساعدت على هذا الاستقرار؟
عدة عوامل متداخلة: أولًا، الإجراءات النقدية الواضحة والحاسمة، خاصة تحرير سعر الصرف. ثانيًا، الحوافز المقدمة للمصريين في الخارج، مثل شهادات الادخار الدولارية ومبادرة السيارات. وثالثًا، ارتفاع إيرادات السياحة وقناة السويس، بجانب تدفقات استثمارية جديدة بدأت تعود تدريجيًا مع تحسن البيئة الاقتصادية.
كيف تقيّمون تأثير تحويلات المصريين على الاقتصاد في هذا التوقيت؟
تحويلات المصريين كانت دائمًا ركيزة مهمة، لكنها اليوم تمثل عنصرًا استراتيجيًا للاستقرار النقدي. التحويلات لم تعد فقط لتغطية نفقات المعيشة، بل أصبح هناك جزء واضح يُضخ في استثمارات عقارية، ومشروعات صغيرة، وشهادات ادخار. وهذا يعكس ثقة كبيرة في الاقتصاد المصري، رغم ما يحدث خارجيًا.
هل هناك أرقام توضح توزيع هذه التحويلات؟
بالفعل، نحو 40 إلى 50% من التحويلات تُستخدم في نفقات المعيشة، التعليم، العلاج، والسلع الاستهلاكية. 20 إلى 25% تذهب للاستثمار العقاري، سواء شراء شقق أو بناء مساكن. حوالي 10% تُوجه للمشروعات الصغيرة مثل المحلات والسيارات، و10% في شهادات الادخار الدولارية، و5% لشراء أجهزة أو سيارات للأسرة.
لكن بعد ما حدث بين إسرائيل وإيران.. هل هناك تأثير مباشر على الاقتصاد المصري؟
ما حدث بين إسرائيل وإيران كان تصعيدًا عسكريًا محسوبًا، وكل طرف كان يعلم مسبقًا حدود اللعبة. أميركا استهدفت منشآت محددة، وإيران ردّت بشكل يبدو متفقًا عليه ضمنيًا من حيث التوقيت والمكان، دون تصعيد مفتوح. لهذا فإن تأثير ما حدث كان محدودًا على مصر، لأننا كنا مستعدين، والأسواق لدينا أكثر انضباطًا من السابق.
هل هناك تأثير متوقع على سعر الصرف مستقبلًا؟
طالما أن التصعيد لم يتطور إلى حرب إقليمية شاملة، فإن تأثيره سيكون مؤقتًا. لدينا الآن تنوع في مصادر العملة الأجنبية، واحتياطي نقدي جيد، وتحسن في ثقة المستثمرين، وتحويلات المصريين بالخارج تتزايد. كل هذا يدعم استقرار الجنيه مقابل الدولار. لكن بالطبع، استمرار التوتر في المنطقة قد يفرض ضغوطًا لاحقًا.
كيف ترى مستقبل الجنيه خلال الفترة المقبلة؟
أتوقع أن يواصل الجنيه استقراره وربما يتحسن نسبيًا، إذا استمرت التدفقات الدولارية الحالية، وتمكّنا من زيادة الصادرات وخفض الاستيراد غير الضروري. أيضًا، المشروعات القومية الكبرى ستساهم في خلق وظائف وتعزيز الإنتاج، وهذا يدعم قوة العملة على المدى المتوسط.
هل لا تزال مصر وجهة آمنة للاستثمار بعد هذه التطورات؟
نعم، وبقوة. مصر تقدم حاليًا بيئة أكثر استقرارًا مقارنة بالعديد من دول الجوار. لدينا استقرار سياسي، شبكة قوانين منظمة، سوق كبيرة، وموقع جغرافي مهم. كل ذلك يجعلنا وجهة مفضلة للمستثمرين، خصوصًا في قطاعات مثل اللوجستيات، الصناعة، والطاقة المتجددة.
ماذا عن ملف التضخم؟ هل من المتوقع أن تنخفض الأسعار؟
معدلات التضخم بدأت تتراجع تدريجيًا، خاصة بعد استقرار سعر الدولار، وزيادة المعروض من السلع. نحن ننتظر نتائج الحصاد المحلي الصيفي، ودخول شحنات جديدة بأسعار أقل. أعتقد أن الربع الثالث من هذا العام سيشهد تحسنًا في الأسعار، مع انضباط الأسواق وتراجع موجة الغلاء.
هل تتجه الدولة إلى رفع أسعار الفائدة مجددًا بسبب التوترات؟
السياسة النقدية حاليًا تتبع نهجًا متوازنًا. طالما التضخم يتراجع، فهناك فرصة للإبقاء على أسعار الفائدة أو حتى خفضها لدعم الاستثمار. لكن بالطبع، كل قرار سيكون مرهونًا بتطورات السوق العالمي، وخاصة أسعار الطاقة والغذاء، وردود أفعال البنوك المركزية الكبرى.