هل يتخلى نتنياهو عن المحتجزين لضمان مستقبله السياسي؟

كتب: أحمد خالد

أعلنت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، عن تصعيد عملياتها في قطاع غزة، وسط تحذيرات من توسيع رقعة الحرب وتجاهل متعمد للمسار الإنساني والتهدئة.

وجاءت العملية البرية جديدة تحت اسم “عربات جدعون”، في تصعيد واضح يعكس إصرار إسرائيل على توسيع المواجهة الميدانية، رغم التنديدات الدولية والجهود المبذولة لتحقيق وقف إطلاق نار دائم.

ورغم موافقة حكومة نتنياهو، مؤخرًا على إدخال كميات محدودة من الغذاء إلى غزة، بعد أكثر من شهرين على فرض حصار شامل على دخول أي مساعدات إنسانية، بالتوازي مع انتهاك وقف إطلاق النار الموقع في يناير الماضي، إلا أن ذلك لم يجدي نفًعا لسكان القطاع الذين يعانون منذ أشهر.

وفي الوقت ذاته، يحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتوصل إلى صفقة تبادل محتجزين، وذلك عقب الإفراج عن المحتجز الأمريكي الإسرائيلي عيدان ألكسندر، إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يزال يركز على تحقيق أهدافه العسكرية والسياسية، متجاهلًا الوضع الإنساني المتفاقم في غزة.

ولكن يبقى السؤال الأهم الذي يطرح نفسه في الوقت الحالي وهو: “هل يتخلى نتنياهو عن المحتجزين من أجل ضمان مستقبله السياسي؟”.

قال اللواء الدكتور رضا فرحات، نائب رئيس حزب المؤتمر أستاذ العلوم السياسية، إن إعلان حكومة الاحتلال الإسرائيلي توسيع نطاق الحرب على غزة، يعد تطورا خطيرا ينذر بتداعيات إنسانية وأمنية كارثية في ظل استمرار العدوان منذ 7 أكتوبر، ويكشف في ذات الوقت عن مأزق سياسي داخلي يعاني منه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يبدو مستعدا للمضي قدما في التصعيد العسكري حتى لو كان الثمن هو التخلي عن حياة المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس.

وأوضح فرحات أن توسيع الهجوم الإسرائيلي لا يمكن قراءته بمعزل عن الضغوط السياسية الهائلة التي يتعرض لها نتنياهو، لا سيما من عائلات الرهائن الذين يتهمونه صراحة بالتقاعس عن إعادتهم، إلى جانب انقسام داخلي متزايد بين أطراف الحكومة اليمينية نفسها ويبدو أن نتنياهو بات يفضل السير في طريق الحرب الشاملة كوسيلة للهروب من المحاسبة الشعبية والسياسية المحتملة، على أن يتهم بالخضوع لشروط الفصائل الفلسطينية في أي صفقة تبادل.

وأشار إلى أن القرار الإسرائيلي لا يعكس فقط إصرارا على الخيار العسكري، بل يشير إلى احتمال أن يكون نتنياهو مستعدا للتضحية بالمحتجزين من أجل تعزيز صورته كزعيم قوي، خاصة مع تراجع شعبيته وتزايد دعوات الاستقالة، في وقت يتطلب فيه الأمر شجاعة سياسية للبحث عن حلول دبلوماسية تحفظ الأرواح وتوقف شلال الدماء في غزة.

وشدد الدكتور رضا فرحات على أن المجتمع الدولي، وخاصة الأطراف المؤثرة كواشنطن والأمم المتحدة، باتوا مطالبين بوقف التصعيد الفوري، ودفع إسرائيل للانخراط في مسار تفاوضي حقيقي، يبدأ بوقف إطلاق النار، وإتمام صفقة تبادل تضمن إطلاق سراح المدنيين من الجانبين، تمهيدا لتسوية أوسع تفضي إلى سلام عادل وشامل، يعالج جذور الأزمة وعلى رأسها غياب الدولة الفلسطينية المستقلة.

وأكد أستاذ العلوم السياسية أن استمرار الحرب بهذه الوتيرة يخدم مصالح المتطرفين فقط، ويفتح الباب أمام انفجارات إقليمية قد تطال أكثر من جبهة، مشيرًا إلى أن الشعب الفلسطيني يدفع الثمن الأكبر، بينما يستخدم نتنياهو دماء الأبرياء كأوراق مساومة لتثبيت بقائه في الحكم لافتا إلى أن السياسة يجب أن تكون لحماية الشعوب لا المتاجرة بمآسيهم وما يجري في غزة الآن هو وصمة عار على جبين الإنسانية، ولن يكون هناك أمن أو استقرار إلا بإنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية.

محللون إسرائيليون: عودة بن غفير ضمان لبقاء الحكومة وإطالة الحرب

وكان محللون سياسيون أكدوا أن عودة حزب «عظمة يهودية» ورئيسه إيتمار بن غفير إلى الحكومة، بعد انسحابها تحمل في طياتها العديد من الرسائل والدلالات بكل ما يتعلق بالمشهد السياسي الإسرائيلي، وكذلك احتدام الصراع مع الشعب الفلسطيني.

وتساءل المحللون عن دوافع رئيس الوزراء الإسرائيلي لإعادة بن غفير للحكومة، وهل كان تجدد القتال في غزة وانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار من جانب إسرائيل لأسباب أمنية عملياتية؟ أم لأسباب تتعلق بالبقاء السياسي لنتنياهو، عشية التصويت على الموازنة العامة، واحتواء أزمة تجنيد الحريديم؟

ويرى المحللون أن عودة بن غفير إلى الحكومة الإسرائيلية، تعزز مكانة نتنياهو بالمشهد الحزبي بمعسكر اليمين، وذلك رغم الاستقطاب السياسي والانقسام والشرخ بالمجتمع الإسرائيلي، وتسهم كذلك في استقرار وتدعيم ائتلاف حكومة نتنياهو حتى نهاية ولايتها بشهر نوفمبر 2026.

طوق نجاة لنتنياهو

وأشار محللون إلى أن استئناف القتال حقق النتائج المرجوة بتحفيز بن غفير للعودة إلى الحكومة، لكنه قد يدفع حركة حماس إلى ترسيخ مواقفها وعدم تقديم أي تنازلات، وهو ما يورط إسرائيل بمستنقع الحرب في غزة، علما أن محاولة نتنياهو تمديد المرحلة الأولى من اتفاق غزة، في محاولة إعادة المزيد من الرهائن الإسرائيليين، دون الانتقال إلى المرحلة الثانية، فشلت فشلا ذريعا.

وبعد انتهاك الاتفاق وعودة بن غفير للحكومة، أشارت بعض القراءات للمحللين إلى أن إسرائيل اكتشفت أن التكتيكات التي استخدمها نتنياهو، بدعم من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لم تؤد إلى إطلاق سراح المزيد من الرهائن، ونتيجة لذلك، انهار الاتفاق في وقت مناسب لرئيس الوزراء، الذي يواجه قضايا داخلية حارقة، وهو ما دفعه لتصدير الأزمات الداخلية باستئناف الحرب.