كتبت بسنت السيد خاص
كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تصريحات إعلامية عن اقتراب موعد التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النار على غزة خلال الاسبوعين المقبلين.
وأضاف ترمب أنه تجرى حاليا مباحثات مع بعض الأطراف “الوسطاء من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار” في قطاع غزةمنذ أكتوبر 2023
ونشر موقع “أكسيوس” الأميركي تقرير يفيد بأنه من المتوقع أن يصل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر إلى واشنطن، الاثنين المقبل، لإجراء محادثات بشأن حرب غزة، وإيران، وأيضاً تمهيداً لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المُقررة إلى البيت الأبيض.
وذكرت تقارير سابقة أن الوسطاء يحاولون إستثمار وقف حرب إيران للتوصل إلى اتفاق ينهي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لكن هذه الجهود لم تلقَ تجاوباً كافياً من الحكومة الإسرائيلية.
وفي حديثه لموقع نافذة الشرق لفت الدكتور محمدمهراناستاذ القانون الدولي أنأوروبا خارج اللعبةحيث نرى انحسارأ للدور الأوروبي في الشرق الأوسط وغياب استراتيجي عن حل الأزمات الكبرى.
أوروبا متفرج وأمريكا تتصدر المشهد
وتابع مهران أستاذ القانون الدولي العام وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي عن تراجع حاد ومثير للقلق في الدور الأوروبي في حل قضايا الشرق الأوسط، مؤكداً أن القارة العجوز باتت في موقع المتفرج بينما تتولى الولايات المتحدة والقوى الإقليمية زمام المبادرة في القضايا المصيرية للمنطقة.
الاتحاد الأوروبي فقد مصداقيته
وأوضح الدكتور مهران في حديث خاص لنافذة الشرق، أن وقف إطلاق النار الأخير بين إيران وإسرائيل، الذي تم بناء على تدخل أمريكي مباشر ووساطة عربية فعالة، يكشف عن غياب أوروبي كامل عن المشهد، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبي فقد مصداقيته كوسيط محايد في نزاعات المنطقة.
أسباب تراجع الدور الأوربي ؟
ومن منظور القانون الدولي، أرجع أستاذ القانون الدولي هذا التراجع إلى عدة أسباب جوهرية، أولها فقدان أوروبا للاستقلالية في السياسة الخارجية وتبعيتها المتزايدة للقرار الأمريكي، مما يتناقض مع مبدأ السيادة الوطنية المنصوص عليه في المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة، والذي يتطلب استقلالية القرار السياسي.
ازدواجية المعايير الأوروبية
وأشار مهران إلى أن ازدواجية المعايير الأوروبية في التعامل مع القضية الفلسطينية مقارنة بقضايا أخرى مثل أوكرانيا، قوضت من مكانة أوروبا كحامية للقانون الدولي، مؤكداً أن صمت الاتحاد الأوروبي أمام انتهاكات القانون الدولي الإنساني في غزة بينما يتحرك بحماس في قضايا أخرى يكشف عن تحيز سياسي يتناقض مع مبادئ العدالة الدولية، مؤكدا أن الوضع في فلسطين لا يكفيه مجرد بيانات وكلمات تمثل حبر علي ورق.
غياب آلية إتخاذ القرار
وحول الأسباب الهيكلية للتراجع الأوروبي، أوضح الخبير الدولي أن غياب آلية اتخاذ قرار موحدة في الشؤون الخارجية الأوروبية يجعل الاتحاد عاجزاً عن التحرك السريع في الأزمات الطارئة، مشيراً إلى أن متطلبات الإجماع أو الأغلبية المطلقة في القضايا الحساسة تؤدي إلى شلل مؤسسي يتناقض مع ضرورة التدخل الفوري في النزاعات.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية تحديداً، انتقد مهران الموقف الأوروبي المتردد، مؤكداً أن عجز الاتحاد الأوروبي عن الضغط لتطبيق قرارات الشرعية الدولية رغم ادعائه الدفاع عن القانون الدولي يظهر تناقضاً صارخاً يقوض مصداقيته، خاصة مع استمرار التجاهل الأوروبي لقرارات مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية بشأن الأراضي المحتلة.
تهميش الدور الأوربي
وأشار أستاذ القانون الدولي إلى أن نجاح الوساطة الأمريكية والعربية في وقف التصعيد الإيراني الإسرائيلي يبرز قدرة القوى الإقليمية على حل الأزمات دون الحاجة للوساطة الأوروبية، مما يعيد تشكيل خريطة النفوذ في المنطقة ويهمش الدور الأوروبي بشكل متزايد.
وحذر مهران من أن استمرار التراجع الأوروبي سيؤدي إلى فقدان الاتحاد لأي تأثير مستقبلي في الشرق الأوسط، مؤكداً أن المنطقة تشهد إعادة تشكيل للتحالفات والأدوار بعيداً عن الوصاية الأوروبية التقليدية، حيث تبرز قوى إقليمية جديدة قادرة على إدارة أزماتها بفعالية أكبر.
وعن الحلول المطلوبة، دعا أستاذ القانون الاتحاد الأوروبي إلى مراجعة جذرية لسياساته في المنطقة، مؤكداً ضرورة تطوير رؤية استراتيجية مستقلة تقوم على احترام القانون الدولي دون ازدواجية معايير، وإصلاح آليات صنع القرار لتمكين التحرك السريع في الأزمات.
وفي ختام حديثه للموقع قال الدكتور محمد مهران “إن المستقبل في المنطقة سيكون للقوى القادرة على تقديم حلول عملية وفعالة، محذراً من أن أوروبا قد تجد نفسها خارج المعادلة نهائياً إذا لم تعد النظر في نهجها وتطور قدراتها على المبادرة الاستراتيجية المستقلة في قضايا الشرق الأوسط.